هل يتمكن ترامب من إقناع آبل بالتصنيع في أميركا بدلاً من 3 دول أخرى؟.. هكذا علّق اقتصاديون على طموح الرئيس
بثينه سالم
قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لمدير شركة آبل التنفيذي تيم كوك، إنه “سيجعل” الشركة تبدأ تصنيع منتجاتها داخل الولايات المتحدة الأميركية، حسب حديث للرئيس مع صحيفة نيويورك تايمز الثلاثاء 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
وكشف ترامب أنه تلقى اتصالاً بُعيد انتخابه من تيم كوك وأنه قال لكوك في أثناء المكالمة: “تيم، أنت تعلم أن أحد الأشياء التي قد تكون إنجازاً حقيقياً لي هي جعل آبل تبني مصنعاً كبيراً لها أو عدة مصانع كبيرة في الولايات المتحدة”، وفق ما جاء في الغارديان.
كوك أجابه بأنه يتفهم الأمر
ونقلت الصحيفة، في رواية ترامب، أن كوك أجابه بالقول: “أتفهم ذلك”، وأن ترامب مضى يَعِده بحوافز عن طريق خفض الضرائب وتخفيف القوانين التنظيمية.
وقال ترامب: “أعتقد أننا سنُهيئ لكم الحوافز، وأرى أنكم ستمتثلون”.
صحيفة الغارديان البريطانية اتصلت بشركة آبل للحصول على تأكيد لرواية ترامب للمحادثة الهاتفية، بيد أن الشركة لم تستجب ولم تقدم تعليقات على محتوى ما قاله ترامب.
آبل لا تصنّع بأميركا وإنما تجمع من 3 دول
تسوّق شركة آبل منتجاتها الفاخرة تحت شعار أنها “من تصميم آبل في كاليفورنيا”، ولكن مع ذلك فإن أجهزتها الإلكترونية هذه يتم تجميعها في مصانع بالصين من قطع مصنّعة في معظمها بالصين واليابان وتايوان حسب ما تقوله مجلة MIT Technology Review. كما تقول الشركة إن مزوديها يوظفون أكثر من 1.6 مليون شخص.
إن إحدى أهم الأفكار التي اعتمدها ترامب في حملته الانتخابية، كانت إرجاع الشركات الأميركية الوظائف إلى الولايات المتحدة، مع أنه في تجارته الشخصية اتخذ قراراً بتصنيع الملابس في الصين أو بنغلاديش.
قال ترامب لحشد من مؤيديه في فرجينيا بتاريخ 18 يناير/كانون الثاني 2016، حينما كان ما زال مرشحاً رئاسياً: “سنحمل آبل على صناعة حواسبها ومنتجاتها في هذا البلد بدلاً من البلدان الأخرى”.
وفي وقت لاحق، دعا ترامب إلى مقاطعة منتجات آبل ما لم تمتثل لمطالب مكتب التحقيقات الفيدرالية FBI بفتح هاتف الآيفون الذي يعود لأحد منفذي هجوم سان بيرناردينو، فقد رفضت آبل رفضاً بالغاً الرضوخ لهذا الطلب.
تصنيع هواتف آيفون من الصفر داخل أميركا أمر غير عملي
بيد أن معظم الخبراء متفقون في أن تصنيع هواتف آيفون من الصفر داخل أميركا أمر غير عملي وليس ممكناً من الناحية المادية الاقتصادية؛ والسبب الأكبر في ذلك أن الشركة تعتمد على سلسلة مزودين معقدة وطويلة جداً، ثم إن لديها بنىً تحتية للتصنيع جاهزة ومهيأة في شينغن بالصين.
يقول سيونجين وانغ أستاذ كلية التجارة في جامعة ستانفورد والمتخصص بإدارة سلسلة التزويد: “الجغرافيا مهمة، ففي شينغن إن احتجت لقطعة (مهما كانت نادرة وشحيحة) فستجد لها 10 مزودين على الأقل في غضون يوم واحد”.
ويقول تيم ويلسون، الذي هو شريك في شركة رأس مال استثمارية تدعى Artiman: “حالياً، لا توجد في الولايات المتحدة سلسلة المزودين اللازمة لتصنيع إلكترونيات المستهلك بكميات كبيرة. لعل من الممكن فرض الضرائب على الواردات كي تزيد تكلفتها، ولكن بالنسبة لنقل الموقع وتغييره وحمل الناس على إعادة بناء سلسلة مزودين في أميركا فهذا أمرٌ لا أتوقع حدوثه في الأعوام المقبلة”.
فإن عزمت آبل على الاستثمار في إنشاء قاعدة مزودين جديدة داخل الولايات المتحدة، يرى وانغ أن التأخير المتوقع سوف يمنح منافسيها الكوريين والصينيين وقتاً وفرصة “للحاق بها وأكل حصتها [من السوق]”.
ستكون التكلفة عالية جداً
وقد عكف جيسون ديدريك، الأستاذ بكلية المعلوماتية في جامعة سيراكوز الأميركية بنيويورك على تحليل ودراسة سلسلة مزودي آبل لصالح مجلة MIT Technology Review، فخلص إلى أن تجميع هواتف آيفون داخل الولايات المتحدة سوف يضيف من 30 دولاراً إلى 40 دولاراً لتكلفة المنتج؛ نظراً لتكلفة العمالة وغير ذلك من التكاليف المتعلقة بشحن القطع إلى الولايات المتحدة.
ولم تشمل تقديرات ديدريك بياناً بتكلفة رأس المال اللازمة لبناء المصانع رغم أن هذه التكلفة ستكون كبيرة لا يستهان بها.
وقال ديدريك: “من الممكن جداً لآبل أن تقوم بتجميع قطع بعض منتجاتها في الولايات المتحدة، لكن في إطار كميات محدودة”، مقترحاً إمكانية تجميع حواسب آيماك (ماكنتوش). وتابع: “لا أعتقد أنه من الممكن نقل إنتاج مئات ملايين هواتف الآيفون إلى الولايات المتحدة، ولا حتى بتكلفة تنافسية على الأقل”.
خيار الشحن من الصين
ويقترح غريغ ليندن، من معهد الإبداع التجاري بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، أن ثمة إمكانية لآبل اتباعها تكمن في “جعل الصين تجهز القطع ثم تشحنها إلى أحد مصانع المزودين الموجودة هنا في البلاد، وبهذا نكون انتهينا لأننا سنكون أمام هاتف آيفون جاهز تم تجميعه في الولايات المتحدة بإضافة خطوة واحدة على عملية صنعه ومع بعض تكاليف الشحن والعمالة الإضافية”.
وقد تكلف هذه الاستراتيجية مبلغاً زهيداً لا يعدو إضافة 10- 20 دولاراً لسعر الهاتف الواحد وفق ما قاله ليندن، لكن الإنتاج سيكون مقيداً بالقدرة الاستيعابية الإنتاجية للمصانع الموجودة.
وأما فيما إذا كانت آبل ستجرب شيئاً من هذا القبيل، فيقول ليندن: “في تخميني، إن هذا يعتمد على حاجة تيم كوك الماسة للفوز”.